فصل: زكاة الدين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.زكاة الدين:

وإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ إِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْناً بِيَدِهِ، أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وقُبِضَ عَيْناً، ولَوْ بِهِبَةٍ. أَوْ إِحَالَةٍ كَمُلَ بِنَفْسِهِ، ولَوْ تَلِفَ الْمُتِمُّ أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وحَوْلٌ، أَوْ بِمَعْدِنٍ عَلَى الْمَنْقُولِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ.
الشرح:
قوله: (وَلَوْ بِهِبَةٍ) أي: لغير من هو عَلَيْهِ؛ لأن قبض الموهوب كقبض الواهب، وجعله إغياءً للقبض يدل عَلَى مراده؛ فإن الموهوب للمدين لا قبض لواهب فيه أصلاً.

متن الخليل:
ولَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ.
الشرح:
قوله: (وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ) هذا الإغياء فِي دين المحتكر، قال ابن عرفة: ولو أخره فاراً ففِيهَا زكاة لعام واحد، وسمع أصبغ ابن القاسم: لكلٍّ عام. انتهى، فما نسب للمدونة هو ـ والله تعالى أعلم ـ قوله فِيهَا: ومن له دين عَلَى ملى يقدر عَلَى أخذه منه، أو عَلَى مفلس لا يقدر عَلَى أخذه منه، فأخذه بعد أعوام؛ فإنما عَلَيْهِ زكاة عام واحد. هكذا اختصرها أبو سعيد، وليس بصريح فِي الفرار، وما نسبه لسماع أصبغ كأنه الذي أشار إليه ابن الحاجب بقوله: وعن ابن القاسم ما لَمْ يؤخر قبضه فراراً وخولف ومخالفة أصبغ راويه، ولكن راجع موضوع هذا السماع فِي الأصل وتأمله.

متن الخليل:
إِنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ.
الشرح:
قوله: (إِنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ) هذا الشرط أحال المسألة عن وجهها، وقريب منه فِي "التوضيح"؛ وذلك أن الكلام مفروض فيما يزكى لعام واحد مما مضى، فخرج منه للأقسام الأربعة التي ذكر ابن رشد فِي "المقدمات" فِي دين الفائدة إِذَا أخّر فراراً.

متن الخليل:
لا عَنْ مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ، وبَاعَهُ لأَجَلٍ، فَلِكُلٍّ. وعَنْ إِجَارَةٍ أَوْ عَرْضٍ مُفَادٍ قَوْلانِ، وحَوْلُ الْمُتَمِّ مِنَ التَّمَامِ لا إِنْ نَقَصَ بَعْدَ الْوُجُوبِ، ثُمَّ زَكَّى الْمَقْبُوضَ وإِنْ قَلَّ.
الشرح:
قوله: (لا عَنْ مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ، وبَاعَهُ لأَجَلٍ، فَلِكُلٍّ) أي: لا إن كان الدين عن مشترى بناض عنده للقنية، وباعه لأجل، فأخر قبضه فراراً فإنه يزكيه لكلِّ عام قاله فِي "المقدمات" ونصّه: "إن كان عن ثمن عرض اشتراه بناض عنده للقنية، فهذا إن كان باعه بالنقد لَمْ تجب عَلَيْهِ زكاة حتى يقبضه، ويحول عَلَيْهِ الحول بعد القبض، وإن كان باعه بتأخيره فقبضه بعد حول زكاة ساعة يقبضه، وإن ترك قبضه فراراً من الزكاة زكّاه لما مضى من الأعوام، ولا خلاف فِي وجه من وجوه هذا القسم. انتهى.
وهو غريب، وقد نبّه الشيخ أبو الحسن الصغير عَلَى أنه خلاف ظاهر كلام ابن يونس، بل خلاف ظاهر قوله فِي "المدوّنة": وإن كانت عروضاً أفادها بما ذكرنا، أو اشتراها للقنية داراً كانت أو غيرها فقبضها، ثم باعها بعد أحوال فمطل بالثمن سنين، فلا زكاة عَلَيْهِ فِيهَا، ولا فِي ثمنها حتى يقبض الثمن، ثم يستقبل به حولاً بعد قبضه، فيزكّيه لعام واحد. إذ ظاهره باع العروض بالنقد أو بالتأجيل، وأنه يستقبل الحول فيهما.
وأما عدم قصد الفرار فيدل عَلَيْهِ قوله: مطل فبحثه فِي ذلك فِي "التوضيح" ضعيف، وقد قبل ابن عرفة قول ابن رشد، وجعله فِي المؤجّل طريقة تقابل طريقة اللخمي فقال: وحول ثمن عرض القنية الحال من يوم قبضه اتفاقاً، وفِي المؤجّل طريقتان:
الأولى للخمي: فِي كونه كذلك أو من يوم بيعه قَوْلانِ: الأول: للمشهور، والثاني لابن الماجشون والمغيرة.
الطريقة الثانية لابن رشد: إن ملك بغير شراء بناض فالقَوْلانِ، فان أخره فراراً تخرّج عَلَى القولين، وزكاته لكلّ عام عَلَى قولين وإن ملك بشراء بناض فحوله من يوم بيع، وإن أخّره فراراً زكّاه لكلّ عام اتفاقاً.

متن الخليل:
وإِنِ اقْتَضَى دِينَاراً فَآخَرَ فَاشْتَرَى بِكُلًّ سِلْعَةً، بَاعَهَا بِعِشْرِينَ، فَإِنْ بَاعَهُمَا مَعاً أَو إحداهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الأُخْرَى زَكَّى الأَرْبَعِينَ، وإِلا أَحَداً وعِشْرِينَ، وضُمَّ لاخْتِلاطِ أَحْوَالِهِ آخِرٌ لأَوَّلَ، عَكْسُ الْفَوَائِدِ، والاقْتِضَاءُ لِمِثْلِهِ مُطْلَقاً، والْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ، فَإِنِ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلٍ، ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً وأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا، ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً زَكَّى الْعِشْرِينَ، والأُولَى إِنِ اقْتَضَى خَمْسَةً.
الشرح:
قوله: (وإِنِ اقْتَضَى دِينَاراً فَآخَرَ) المسألة اقتصر فِيهَا عَلَى ما عند ابن الحاجب، وقد نوّعها ابن عرفة إِلَى أحدى عشرة صورة، وحرر عزو الأقوال فِيهَا، فعليك به إن كنت فارغ السرّ.

.زكاة العروض:

وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ لا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ. مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ بِنِيَّةِ تَجْرٍ أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ أَوْ قِنْيَةٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، والْمُرَجَّحِ، لا بِلا نِيَّةٍ، أَوْ نِيَّةِ قِنْيَةٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ هُمَا.
الشرح:
قوله: (عَلَى الْمُخْتَارِ، والْمُرَجَّحِ) يرجّح للتجر مَعَ القنية كما فِي "التوضيح"، وأمّا التجر مَعَ الغلة فهذا الحكم فيه أبين، فكأنه قطع به من غير أن يحتاج للاستظهار بقول من اختاره، وهو اللخمي، وأما ابن يونس فلم يذكره أصلاً.

متن الخليل:
أَوْ كَانَ كَأَصْلِهِ، أَوْ عَيَناً وإِنْ قَلَّ.
الشرح:
قوله: (أَوْ كَانَ كَأَصْلِهِ) هذا عكس التشبيه، والوجه أن يقول: وكان أصله كهو.

متن الخليل:
وَبِيعَ بِعَيْنٍ، وإِنْ لاسْتِهْلاكٍ فَكَالدَّيْنِ، إِنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ، وإِلا زَكَّى عَيْنَهُ ودَيْنَهُ النَّقْدَ الْحَالَّ الْمَرْجُوَّ، وإِلا قَوَّمَهُ، ولَوْ طَعَامَ سَلَمٍ كَسِلْعَةٍ ولَوْ بَارَتْ، لا إِنْ لَمْ يَرْجُهُ، أَوْ كَانَ قَرْضاً، وتُؤُوِّلَتِ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضاً بِتَقْوِيمِ الْقَرْضِ، وهَلْ حَوْلُهُ لِلأَصْلِ، أَوْ وَسَطٍ مِنْهُ ومِنَ الإِدَارَةِ؟ تَأْوِيلانِ ثُمَّ زِيَادَتُهُ مُلْغَاةٌ، بِخِلافِ حَلْيِ التَّحَرِّي.
الشرح:
قوله: (إِنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ) لا خفاء إن هذا الشرط خاص بقوله: "فكالدين " بخلاف ما قبله من الشروط كنية التجر فإنها تعمّ عروض الحكرة والإدارة.

متن الخليل:
والْقَمْحُ والْمُرْتَجَعُ مِنْ مُفَلِّسٍ، والْمُكَاتَبُ يَعْجِزُ كَغَيْرِهِ، وانْتَقَلَ الْمَدَارُ لِلاحْتِكَارِ، وهُمَا لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ لا الْعَكْسُ، ولَوْ كَانَ أَوَّلاً لِلتِّجَارَةِ، ولَوِ اجْتَمَعَ إِدَارَةٌ واحْتِكَارٌ وتَسَاوَيَا، أَوِ احْتُكِرَ الأَكْثَرُ، فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ، وإِلا فَالْجَمِيعُ لِلإِدَارَةِ، ولا تُقَوَّمُ الأَوَانِي، وفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ لِحَوْلٍ مِنْ إِسْلامِهِ أَوِ اسْتِقْبَالِهِ بِالثَّمَنِ قَوْلانِ.
الشرح:
قوله: (وَالْقَمْحُ والْمُرْتَجَعُ مِنْ مُفَلِّسٍ، والْمُكَاتَبُ يَعْجِزُ كَغَيْرِهِ) ظاهر أن القمح غير مقصود لذاته، وأنه كقول ابن الحاجب: والقمح ونحوه عرض بخلاف نصاب الماشية. والمراد: أن الحبوب والثمار التي تتعلّق الزكاة بعينها بمنزلة غيرها من العروض فِي أحكام الحكرة والإدارة.
وفي بعض النسخ: والفسخ عوض القمح، والمراد به ما فسخ بيعه من السلع فرجع لبائعه.

متن الخليل:
والْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ، إِنْ أَدَارَا.
الشرح:
قوله: (والْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ، إِنْ أَدَارَا) هذا أحد القولين فِي الحاضر عند اللخمي وغيره، ولَمْ يذكره ابن رشد أصلاً، وإنما قال فِي "المقدمات": لا زكاة عَلَيْهِ حتى يقبض المال ويتفاضلا، وإن أقام أحوالاً، ونسبه لكتاب القراض من سماع أبي زيد، ومن "المدوّنة" من سماع عيسى و" الواضحة"، ثم قال: فإِذَا رجع إليه ماله بعد أعوام زكّى لكلّ سنة قيمة ما كان بيده من المتاع، وذكر نحو ما بعد هذا فِي الغائب.

متن الخليل:
أَوِ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِهِ، وصَبَرَ إِنْ غَابَ فَيُزَكَّى لِسَنَةِ الْفَضْلِ مَا فِيهَا، وسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا، وإِنْ نَقَصَ فَلِكُلٍّ مَا فِيهَا، وأَزْيَدَ وأَنْقَصَ قُضِيَ بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ.
الشرح:
قوله: (أَوِ الْعَامِلُ) أي: أو أدار العامل وحده وهو مساعد لما ذكر قبل فِي اجتماع إدارة واحتكار، بخلاف إطلاقه فيما يأتي.

متن الخليل:
وَإِنِ احْتَكَرَا، أَوِ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ، وعُجِّلَتْ زَكَاةُ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ مُطْلَقاً، وحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ وهَلْ عَبِيدُهُ كَذَلِكَ، أَوْ تُلْغَى كَالنَّفَقَةِ؟ تَأْوِيلانِ.
الشرح:
قوله: (وإِنِ احْتَكَرَا، أَوِ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ) أفاد هذا التشبيه فائدتين:
إحداهما: أنه لا يزكّي قبل رجوعه ليدّ ربّه بانفصال، ولو نصّ بيد العامل خلافاً لإلزام اللخمي. والثانية: أنه إنما يزكّي بعد الانفصال لسنة واحدة وعَلَيْهِ اقتصر فِي "المقدمات"، وإمّا إطلاقه فِي احتكار العامل فغير مطابق لما قدّم فِي اجتماع إدارة وحكرة، وعَلَى ذلك أجرى ابن محرز وأبو اسحاق التونسي الحكم فِي إدارة أحدهما واحتكار الآخر، ولابن بشير وابن عبد السلام وابن هارون وابن عرفة فِي ذلك مباحث يوقف عَلَيْهَا فِي محالّها.

متن الخليل:
وَزُكِّيَ رِبْحُ الْعَامِلِ، وإِنْ قَلَّ إِنْ أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلاً، وكَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلا دَيْنٍ، وحِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ نِصَابٌ وفِي كِوْنِهِ شَرِيكاً أَوْ أَجِيراً خِلافٌ، ولا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ ومَعْدِنٍ ومَاشِيَةٍ بِدَيْنٍ، أَوْ فَقْدٍ، أَوْ أَسْرٍ، وإِنْ سَاوَى مَا بِيَدِهِ، إِلا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ عَلَيْهِ مِثْلُهُ.
الشرح:
قوله: (وزُكِّيَ رِبْحُ الْعَامِلِ) أي: وزكّى العامل ربحه، وحمل كلامه عَلَى القول بأن ما يخص العامل من الربح يزكّيه ربّ المال غير صحيح، والشروط المذكورة تأبي ذلك، وفيه ثلاثة أقوال مستوفاة فِي "المقدّمات".
فرع:
في "النوادر" عن سحنون: إن تمّ حول مال القراض بيد العامل ولَمْ يشغل بعضه زكّى مكانه.

متن الخليل:
بِخِلافِ الْعَيْنِ. ولَوْ دَيْنَ زَكَاةٍ، أَوْ مُؤَجَّلاً.
الشرح:
قوله: (بِخِلافِ الْعَيْنِ) أي: فإن الفقد والأسر والدين مسقطات لزكاتها.

متن الخليل:
أَوْ كَمَهْرٍ أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ مُطْلَقاً، أَوْ ولد إِنْ حُكِمَ بِهِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ كَمَهْرٍ) هذا مذهب "المدوّنة" خلافاً لابن حبيب.
فإن قلت: ما الذي يدخل تحت كاف التشبيه؟
قلت: قال ابن عبد السلام: ربما كان هذا المعنى فِي بعض الديون للزوجة أو للأبّ عَلَى الولد مما لا يطلب إلا عند موت أو مشارة؛ لكن قال ابن عرفة: وجعل ابن بشير وتابعه متعلّق القولين الدين المعتاد بقاؤه فِي الذمة إِلَى الأجل البعيد، كالمهر يقتضي وجود القول الثاني فِي غير المهر ولا أعرفه، وقول ابن رشد وغيره: المهر تحلّة نحلة لا عن عوض يمنع لحوق دين غيره به انتهى.
وتابع ابن بشير هنا هو ابن الحاجب دون ابن شاس.

متن الخليل:
وَهَلْ إِنْ لم يتَقَدَّمَ يُسْرٌ؟ تَأْوِيلانِ، أَوْ وَالِدٍ بِحُكْمٍ إِنْ تَسَلَّفَ لا بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ أَوْ هَدْيٍ.
الشرح:
قوله: (وهَلْ إِنْ لم يتقَدَّمَ يُسْرٌ؟ تَأْوِيلانِ) ذكرهما عبد الحقّ فِي النكت.

متن الخليل:
إِلا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مُعَشَّرٌ زُكِّيَ، أَوْ مَعْدِنٌ، أَوْ قِيمَةُ كِتَابَةٍ، أَوْ رَقَبَةُ مُدَبَّرٍ، أَوْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ إِلَى أَجَلٍ، أَوْ مُخْدَمٍ، أَوْ رَقَبَتِهِ لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ، أَوْ عَدَدُ دَيْنٍ حَلَّ، أَوْ قِيمَةُ مَرْجُوٍّ.
الشرح:
قوله: (إِلا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مُعَشَّرٌ زُكِّيَ) أي: فأحرى إن لَمْ يزك، وفِي معنى المعشر الماشية، فلو قال: إلا أن يكون عنده نعم أو معشر وإن زكّيا، كان أبين وشمل.

متن الخليل:
أَوْ عَرْضٌ حَلَّ حَوْلُهُ إِنْ بِيعَ، وقُوِّمَ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مُفْلِسٍ، لا آبِقٌ وإِنْ رُجِيَ، أَوْ دَيْنٌ لَمْ يُرْجَ.
الشرح:
قوله: (إِنْ بِيعَ، وقُوِّمَ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مُفْلِسٍ) وجه الكلام: إن بيع عَلَى مفلس وقوّم وقت الوجوب، وإنما حرّفه ناسخ المبيضة، وكثيراً ما يقع له مثل هذا. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وإِنْ وُهِبَ الدَّيْنُ أَوْ مَا يُجْعَلُ فِيهِ، ولَمْ يَحِلَّ حَوْلُهُ أَوْ مَرَّ لِكَمُؤَجِّرٍ نَفْسَهُ بِسِتِّينَ دِينَاراً ثَلاثَ سِنِينَ حَوْلٌ، فَلا زَكَاةَ أَوْ مَدِينُ مِائَةٍ، لَهُ مِائَةٌ مُحَرَّمِيَّةٌ، ومِائَةٌ رَجَبِيَّةٌ يُزَكِّي الأُولَى.
الشرح:
قوله: (ولَمْ يَحِلَّ حَوْلُهُ) ينطبق عَلَى هبة الدين، وهبة ما يعجل فيه، وإنما أفرده لأن العطف بأو.

متن الخليل:
وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ.
الشرح:
قوله: (وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ) كذا فِي كتاب الزكاة الثاني من "المدوّنة".

متن الخليل:
كَنَبَاتٍ.
الشرح:
قوله: (كَنَبَاتٍ) هو كقوله فِي "المدوّنة": وتؤدى الزكاة عَلَى الحوائط المحبسة فِي سبيل الله، أو عَلَى قومٍ بأعيانهم أو بغير أعيانهم.

متن الخليل:
وَحَيَوَانٍ، ونَسْلِهِ.
الشرح:
قوله:(وحَيَوَانٍ، ونَسْلِهِ) هو كقوله فِي "المدوّنة": ومن حبس إبلاً فِي سبيل الله ليحمل عَلَيْهَا أو عَلَى نسلها ففي ذلك الزكاة، ثم قال: وإن أوقف الدنانير أو الماشية لتفرّق فِي سبيل الله أو عَلَى المساكين أو لتباع الماشية ويفرّق الثمن فلا زكاة فيما أدرك الحول من ذلك.

متن الخليل:
عَلَى مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ.
الشرح:
قوله: (عَلَى مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ) يعني فإِذَا وقف النبات عَلَى مساجد أو قومٍ غير معينين كالفقراء وبني تميم زكي عَلَى ملك ربه المحبس له، سواء تولى تفرقته بنفسه أم لا، حصل لكلّ مسجد أو لكلّ شخص نصاب أم لا، إِذَا كان المجموع نصاباً بخلاف ما بعده.
تكميل:
قال ابن عرفة: وفيما حبس عَلَى المساجد طرق. التونسي: ينبغي زكاتها عَلَى ملك ربها، فتضاف لأصل ماله. اللخمي: قول مالك زكاتها عَلَى ربّها للعمل، والقياس، قول مكحول لا زكاة فِيهَا؛ لأن الميّت لا يملك، والمسجد لا زكاة عَلَيْهِ ككونها لعبد. أبو حفص: لو حبس جماعة كل واحد نخلات عَلَى مسجد، فإن بلغ مجموعها نصاباً زكي. انتهى.
وقول التونسي تضاف لأصل ماله يريد إِذَا كان حيّاً كالمسألة المذكورة فِي "المقدمات"، وقد أغفل ابن عرفة قول عبد الحقّ فِي " التهذيب": أعرف فِي المال الموقوف لإصلاح المساجد والغلات المحبّسة فِي مثل هذا اختلافاً بين المتأخرين فِي زكاة ذلك، والصواب عندي أن لا زكاة فِي كلّ شئ يوقف عَلَى ما لا عبادة عَلَيْهِ من مسجد... ونحوه. انتهى، وقد نقله صاحب "الجواهر" و "التقييد".

متن الخليل:
كَعَلَيْهِمْ، إِنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ.
الشرح:
قوله: (كَعَلَيْهِمْ، إِنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ) أدخل أداة الجرّ عَلَى أداة الجرّ؛ إيثاراً للاختصار، ومثله قول الشاعر:
غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بّعْدَما تَمَّ ظَمَؤهَا ** تَصِلُ وعَنْ فَيْضِ بزيزاء مجهل

والضمير فِي (عليهم) يعود عَلَى المعينين، والمعنى: كالموقوف عَلَى قوم معينين كزيد وعمر وخالد إِذَا تولى المالك تفرقته بنفسه، فإنه أَيْضاً يزكى عَلَى ملكه، وإن لَمْ ينب كل واحد منهم نصاباً، والشرط مقصور عَلَى ما بعد الكاف عَلَى غالب اصطلاحه، الذي نبهنا عَلَيْهِ فِي صدر الكتاب.

متن الخليل:
وَإِلا إِنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ.
الشرح:
قوله: (وإِلا إِنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ) أي: وإن لَمْ يتول المالك تفرقته زكّى إن حصل لكل واحد من المعينين نصاب، وهذه طريقة اللخمي.

متن الخليل:
وَفِي إِلْحَاقِ وَلَدِ فُلانٍ بِالْمُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ قَوْلانِ.
الشرح:
قوله: (وفِي إِلْحَاقِ وَلَدِ فُلانٍ بِالْمُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ قَوْلانِ) أي: فمن ألحقهم بالمعينين فصّل، ومن ألحقهم بغيرهم لَمْ يفصّل عَلَى ما تقدّم فيهما، فتفريع القولين عَلَى القسمين فِي غاية المناسبة، وليس بمستغنى عنه كما قيل، وعليك بـ "المقدمات" فقد أتقن فِيهَا هذا الباب.

.زكاة المعادن:

وَإِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنُ عَيْنٍ، وحُكْمُهُ لِلإِمَامِ، ولَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ، إِلا مَمْلُوكَةٍ لِمَصَالِحَ فَلَهُ، وضُمَّ بَقِيَّةُ عِرْقِهِ، وإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ، لا مَعَادِنُ ولا عِرْقٌ آخَرُ، وفِي ضَمِّ فَائِدَةٍ حَالَ حَوْلُهَا وتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِإِخْرَاجِهِ أَوْ تَصْفِيَتِهِ تَرَدُّدٌ.
الشرح:
قوله: (وإِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنُ عَيْنٍ) هو نصّ "المدوّنة"؛ فنقله عن " التبصرة " و"الطراز" قصور.

متن الخليل:
وجَازَ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ غَيْرِ نَقْدٍ، وعَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ، واعْتُبِرَ مِلْكُ كُلٍّ، وبِجُزْءٍ كَالْقِرَاضِ قَوْلانِ.
الشرح:
قوله: (وجَازَ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ غَيْرِ نَقْدٍ، وعَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ) صوابه كما قيل: وجاز دفعه بأجرة وبكراء بغير نقد، عَلَى أن المخرج للمدفوع له، وأقرب منه وجاز دفعه بأجرة، وبغير نقد عَلَى أن المخرج للمدفوع له، ولعلّ المصنف كذلك قاله، فحوّل الناسخ الواو عن محلّها، والتصوّر بعد الإصلاح ظاهر.

متن الخليل:
وَفِي نَدْرَتِهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ، وهُوَ، دِفْنُ جَاهِلِيٍّ وإِنْ بِشَكٍّ - أَوْ قَلَّ، أَوْ عَرْضاً، أَوْ وَجَدَهُ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ، إِلا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ فِي تَخْلِيصِهِ فَقَطْ، فَالزَّكَاةُ.
الشرح:
قوله: (إِلا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ فِي تَخْلِيصِهِ فَقَطْ، فَالزَّكَاةُ) هذه عبارة غير محررة، ويظهر ذلك بالوقوف عَلَى نصّ "المدوّنة" وكلام الناس عَلَيْهَا، ففي "المدوّنة": الرِّكاز دفن الجاهلية ما لَمْ يطلب بمال،وفيه الخمس، قال مالك: ناله بعمل أو بغير عمل، وقال أَيْضاً مالك فِي موضع آخر: سمعت أهل العلم يقولون فِي الرِّكاز: إنما هو دفن الجاهلية ما لَمْ يطلب بمال، ولَمْ يتكلّف فيه كبير عمل، فأمّا ما طلب بمال، وتكلّف فيه كبير عمل، فأصيب مرة وأخطئ مرة فليس بركاز، وهو الأمر عندنا انتهى.
فقال عياض: فِي هذا حمله بعضهم عَلَى الخلاف لما قبله فِي الرِّكاز، وحمله بعضهم على أن كلامه فِي هذا إنما هو فِي المعدن لا فِي الرِّكاز، وأنّه لا يختلف فِي الرِّكاز كيف قيل إن فيه الخمس. انتهى.
وعَلَى الخلاف حمله اللخمي، فمعنى قوله عَلَى هذا: فليس بركاز أي: حكماً، وأمّا تسمية الرِّكاز فباقية عَلَيْهِ، غير أنه يزكى ولا يخمّس، وعَلَى الوفاق حمله ابن يونس، وأنه إنما أراد أن يبين صورة الرِّكاز وصورة المعدن حسبما فِي التقييد.
ولما اختصر ابن الحاجب المسألة قال: وأما الرِّكاز فعلماء المدينة أنه دفن الجاهلية، يوجد بغير نفقة ولا كبير عمل، فإن كان أحدهما فالزكاة. انتهى.
وهل هو مَعَ أحدهما ركاز أو معدن؟ حرره ابن عبد السلام فقال: يعني أن علماء المدينة يفسرون الرِّكاز بما ذكر، وهو معنى ما فِي "الموطأ" و"المدوّنة"؛ لكن معناه عند شيوخ المذهب أن النفقة والعمل الكبير هما نفقة الحفر والتصفية، لا نفقة الحفر خاصة، وذلك خاصٌ بالمعدن.
والحاصل أنهم ميّزوا المعدن بلازمه وهو كثرة العمل، وقال بعضهم: إن التحديد بهذا دليل عَلَى إخراج الندرة عن المعدن فِي الحكم، وإلحاقها بالرِّكاز. انتهى.
فأنت تري ابن عبد السلام قد سلك مسلك من حمل "المدوّنة" عَلَى الوفاق مستدلاً باعتبارهم التصفية الخاصة بالمعدن، فإن الدفين لَمْ تتخلل أجزاءه تراب فيحتاج إِلَى تصفية، وبهذا يظهر لك ما فِي عبارة المصنف من الإشكال؛ فإنه فرض الكلام فِي الرِّكاز، وشرط أن تكون المؤونة في التخليص الذي هو التصفية، وحمل الاستثناء عَلَى الانقطاع حتى يرجع للمعدن تعسّف، ويوجد فِي بعض النسخ فِي تحصيله عوض تخليصه وهو أمثل، وإن كان كالحشو.
وأما قوله: (فقط) فإن كان راجعاً لتخليصه فقد علمت ما فيه، وأما إن كان راجعاً لكبير النفقة والعمل معا فهو كالحشو، وإن كان راجعاً لأحدهما لا بعينه من حيث العطف بأو فهو مساعد لما فِي "التوضيح" من أنهما غير متلازمين؛ إذ قد يعمل مدة طويلة هو وعبيده ولا ينفق نفقة كثيرة.
وقال ابن عبد السلام: المعتبر إما النفقة وإما كبير العمل، وأحرى إِذَا اجتمعا، عَلَى أنهما متلازمان.
وقال ابن عرفة: لفظ "المدوّنة" الأخير كالموطأ: ما طُلب بمالٍ وكبير عمل فغير رِّكاز عطفاً بالواو، ويتعارض مفهوماً نفيهما معاً وأثباتهما معا، ونقلْ اللخمي الأخير معطوفاً بأو وعَلَيْهِ قول ابن الحاجب: إن كان أحدهما فالزكاة.

متن الخليل:
وَكُرِهَ حَفْرُ قَبْرِهِ، والطَّلَبُ فِيهِ، وبَاقِيهِ لِمَالِكِ الأَرْضِ، ولَوْ جَيْشاً، وإِلا فَلِوَاجِدِهِ، إِلا دِفْنَ الْمُصَالِحِينَ. فَلَهُمْ إِلا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ بِهَا فَلَهُ ودِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةٌ، ومَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ كَعَنْبَرٍ، فَلِوَاجِدِهِ بِلا تَخْمِيسٍ.
الشرح:
قوله: (إِلا دِفْنَ الْمُصَالِحِينَ) هكذا فِي بعض النسخ بالاستثناء من غير واو؛ ولا يصحّ غيره؛ لأن إلّا الاستثنائية لا تعطف عَلَى المركّبة من شرطٍ ونفيٍ.

.فصل فِي مصارف الزكاة:

ومَصْرِفُهَا فَقِيرٌ، ومِسْكِينٌ وهُوَأَحْوَجُ، وصُدِّقَا، إِلا لِرَيْبَةٍ، إِنْ أَسْلَمَ وتَحَرَّرَ، وعَدِمَ كِفَايَةً بِقَلِيلٍ أَوْ إِنْفَاقٍ أَوْ صَنْعَةٍ، وعَدَمَ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ والْمُطَّلِبِ.كَحَسْبٍ عَلَى غَرِيمٍ، وجَازَ لِمَوْلاهُمْ وقَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ، ومَالِكِ نِصَابٍ، ودَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ، وكِفَايَةِ سَنَةٍ.
الشرح:
قوله: (وعَدَمَ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ والْمُطَّلِبِ) مثله فِي "قواعد" عياض، وقال فِي "الإكمال": قال الشافعي: آله صلى الله عَلَيْهِ وسلم هم: بنو هاشم، ويدخل مدخلهم بنو المطلب أخو هاشم دون سائر بني عبد مناف؛ لقوله عَلَيْهِ السلام: «نحن وبنو المطلب شئ واحد»، ولقسم النبي - عليه السلام - لهم مَعَ بني هاشم سهم ذوي القربى دون غيرهم، ونحى إِلَى هذا بعض شيوخ المالكية. انتهى. وهو غريب فِي المذهب حتى إن ابن عرفة لَمْ يذكره بخصوصه إذ قال: وفِي الآل أربعة:
ابن القاسم ومالك وأكثر أصحابه: بنو هاشم.
عياض عن أشهب بنو قصي.
الباجي واللخمي وابن رشد عنه: بنو غالب.
عياض وقيل: كل قريش. انتهى.
ونسب النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان - صلى الله عليه وسلم - فمن كان من ولدفهر فهو قرشي.
ولو قال المصنف: وعدم بنوة لهاشم لا المطلب لجرى عَلَى المشهور، ووافق قوله بعد: (غير هاشمي).

متن الخليل:
وفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ ثُمَّ أَخْذِهَا تَرَدُّدٌ، وجَابٍ، ومُفَرِّقٌ حُرٌّ عَدْلٌ عَالِمٌ بِحُكْمِهَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ، وكَافِرٍ وإِنْ غَنِيَّاً وبُدِئَ بِهِ، وأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفَيْهِ، ولا يُعْطَى حَارِسُ الْفِطْرَةِ مِنْهَا، ومُؤَلَّفٌ كَافِرٌ لِيُسْلِمَ وحُكْمُهُ بَاقٍ، ورَقِيقٌ مُؤْمِنٌ ولَوْ بِعَيْبٍ يُعْتَقُ مِنْهَا لا عَقْدَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ ووَلاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وإِنِ اشْتَرَطَهُ لَهُ، أَوْ فَكَّ أَسِيراّ لَمْ يُجِزْهُ، ومَدِينٌ ولَوْ مَاتَ يُحْبَسُ فِيهِ، لا فِي فَسَادٍ ولا لأَخْذِهَا إِلا أَنْ يَتُوبَ عَلَى الأَحْسَنِ إِنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ، وفَضْلِ غَيْرِهَا، ومُجَاهِدٌ وآلَتُهُ، ولَوْ غَنِيَّاً كَجَاسُوسٍ لا سُورٍ ومَرْكَبٍ، وغَرِيبٌ مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ ولَمْ يَجِدْ مُسَلِّفاً وهُوَمَلِيٌّ بِبَلَدِهِ، وصُدِّقَ، وإِنْ جَلَسَ نُزِعَتْ مِنْهُ كَغَازٍ، وفِي غَارِمٍ يَسْتَغْنِي تَرَدُّدٌ، ونُدِبَ إِيثَارُ الْمُضْطَرِّ دُونَ عُمُومِ الأَصْنَافِ والاسْتِنَابَةُ، وقَدْ تَجِبُ.
الشرح:
قوله: (وفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ ثُمَّ أَخْذِهَا تَرَدُّدٌ) هذا التَرَدُّدٌ لعدم نصّ المتقدمين قال ابن عرفة: وقول ابن عبد السلام: لو أعطاها إياه جاز أخذها منه فِي دينه، خلاف تعليل الباجي رواية ابن حبيب منع إعطاء الزوجة زوجها فإنه كمن دفع صدقته لغريمه يستعين بها عَلَى أداء دينه.
ابن عرفة: الأظهر إن أخذه بعد إعطائه بطوع الفقير دون تقدم شرطه أجزأه.
وكرها كذلك إن كان له ما يواريه وعيشه الأيام وإلاّ فلا كما قال فِي "المدوّنة" فِي قصاص الزوجة بنفقتها فِي دين عَلَيْهَا، وبشرط كما لَمْ يعطه. انتهى، وفِي "التوضيح": أما مَعَ التواطؤ فلا ينبغي أن يقال بالإجزاء إلّا أنه كمن لَمْ يعط شيئاً، ولو فصل مفصل فإن كان لا يمكنه الأخذ أصلاً فلا يجزئ؛ وإن كان يأخذ بلا مشقة أجزأه، وإن كان يأخذه بمشقة كره.

متن الخليل:
وكُرِهَ لَهُ حِينَئِذٍ تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ، وهَلْ يُمْنَعُ إِعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجَهَا، أَوْ يُكْرَهُ تَأْوِيلانِ.
الشرح:
قوله: (وكُرِهَ لَهُ حِينَئِذٍ تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ) أي: وكره حين الاستنابة للنائب تخصيص قريب المالك المستنيب، هذا ظاهر لفظه، ومفهومه أن النائب إن لَمْ يخص قريب المالك بل أعطاه كما يعطي غيره فإنه يجوز، فكأنه يرجع إِلَى قوله فِي "المدوّنة": ولا بأس أن يعطيهم من يلي تفرقتها بغير أمره كما يعطي غيرهم إن كانوا لها أهلاً بعد أن قال: وأما من لا تلزمه نفقته من قرابته فلا يعجبني أن يلي هو إعطاءهم، ولعلّ المصنف سكت عن هذا لأنه أحرى.
وتحصيلها عَلَى طريقة ابن عرفة: أن فِي إعطاء المالك قريباً لا تلزمه نفقته أربعة أقوال: الكراهة؛ لرواية ابن القاسم. والجواز؛ لرواية مُطرِّف.
والاستحباب؛ لرواية الواقدي. والرابع: لا تجزئ لجدٍ ولا لولد، وتجوز لذي أخوة أو عمومة أو خوؤلة، لأبي محمد عن ابن حبيب.
وأن غيره إِذَا ولي صرفها فقال الباجي: يجوز إعطاؤه القريب اتفاقاً.
وقال أبو محمد عن ابن القاسم: لمن ولي صرف زكاة غيره إعطاء قرابته بالاجتهاد. انتهى.
وقوله: "بالاجتهاد " فِي قوة قوله فِي "المدوّنة": كما يعطي غيرهم. فلا يخالفه مفهوم كلام المصنف والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وجَازَ إِخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ، وعَكْسُهُ بِصَرْفِ وَقْتِهِ مُطْلَقاً بِقِيمَةِ السَّكَّةِ، ولَوْ فِي نَوْعٍ.
الشرح:
قوله: (بِقِيمَةِ السَّكَّةِ وَلَوْ فِي نَوْعٍ) أي: ولو فِي نوعٍ واحد، كما إِذَا أخرج ذهباً غير مسكوك عن جزء دينار مسكوك، فإنه لابد أن يخرج معه قيمة السكّة، وهو قول ابن القاسم خلافاً لابن حبيب، وإليه أشار (بلو)، ومفهوم قوله: (فِي نَوْعٍ) أنه لو كان فِي نوعين فأخرج الورق عن جزء الدينار المسكوك ولم يوجد مسكوكاً لاعتبر قيمته مسكوكاً من بابٍ أحرى، فهو كقول ابن الحاجب: وإِذَا وجب جزء عن المسكوك، ولَمْ يوجد مسكوكا، وأخرج مكسوراً فقيمة السكّة عَلَى الأَصَحّ، كما لو أخرج ورقاً.

متن الخليل:
لا صِيَاغَةٍ فِيهِ.
الشرح:
قوله: (لا صِيَاغَةٍ فِيهِ) بجرّ صياغة وتنوينه عطفاً عَلَى لفظ السكّة. أي: لا بقيمة الصياغة فِي النوع الواحد، فهو كقول ابن الحاجب: والمصوغ يخرج عنه المكسور بالوزن لا بالقيمة عَلَى المشهور إذ له كسره.

متن الخليل:
وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ، لا كَسْرُ مَسْكُوكٍ، إِلا لِسَبْكٍ، ووَجَبَ نِيَّتُهَا وتَفْرِقَتُهَا، بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ، إِلا لأَعْدَمَ فَأَكْثَرُهَا لَهُ بِأُجْرَةٍ مِنَ الْفَيْءِ، وإِلا بِيعَتْ واشْتُرِيَ مِثْلُهَا كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ، وقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ، وإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّراً أَوْ دَيناً أَوْ عَرْضاً قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ، أَوْ دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ، وتَعَذَّرَ رَدُّهَا إِلا لِلإِمَامِ، أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَوْ بِقِيمَةٍ لَمْ تُجْزِ، لا إِنْ أُكْرِهَ أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ أَوْ قُدِّمَتْ فِي عَيْنٍ ومَاشِيَةٍ، فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ، فَمِنَ الْبَاقِي وإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ ولَوْ يُمْكِنُ الأَدَاءُ سَقَطَتْ كَعَزْلِهَا فَضَاعَتْ، لا إِنْ ضَاعَ أَصْلُهَا، وضَمِنَ إِنْ أَخَّرَهَا، عَنِ الْحَوْلِ، أَوْ أَدْخَلَ عُشْرَهُ مُفَرِّطاً، لا مُحَصِّناً، وإلا فَتَرَدُّدٌ، وأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وكَرْهاً وإِنْ بِقِتَالٍ وأُدِّبَ، ودُفِعَتْ لِلإِمَامِ الْعَدْلِ، وإِنْ عَيْناً. وإِنْ غُرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةٍ فَجِنَايَةٌ عَلَى الأَرْجَحِ، وزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ. ومَا غَابَ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ ولا ضَرُورَةَ.
الشرح:
قوله: (وفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ) أي: وفِي إخراج غير النوع عن المصوغ تَرَدُّدٌ، فهو كقول ابن الحاجب: فإن أخرج ورقاً عن مصوغ جائز، وقلنا إنها ملغاة ففي اعتبار قيمتها قَوْلانِ لابن الكاتب وأبي عمران، وألف القبيلان فِيهَا بناءً عَلَى أن الورق كالطعام فِي جزاء الصيد أو لا حقّ للمساكين فِي الصياغة.